اصلاح النفس وترويضها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف أتغير؟ كيف أتحول؟ من أين أبدأ؟ إنها أسئلة كثيرا ما تتردد داخلنا، وتطرق أسماعنا، وتلح علي قلوبنا، وكثيرا ما تدور في أذهاننا أمثال هذه الأسئلة، وليس الانسان هو بأغنى عن اصلاح نفسه والنظر الدائم فيها ومراجعتها؛ فالنفس متقلبة، وسبحانه تعالى مقلب القلوب، ولقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا استجمعت غليانا، . كما أخبر المعصوم صلى الله عليه ووسلم ولعلنا نفهم أن مجرد المعرفة والعلم بخطر المعصية لا يكفي للابتعاد عنها وتركها؛ فكم من علماء اجترءوا علي ما
لأ يجترئ عليه وجاهل!
ولعلنا نتساءل متحيرين: !! كم من مرة حاولنا وقررنا العودة، بل وحددنا لانفسنا يوما أو موسما نبدأ منه، ويمر محافظات عدد اليوم وينقضي الموسم ونحن علي حالنا وكم من مرة بدأنا فعلا، ولكن ما نكاد نسير في الطريق يوما أو يومين إلا ننتكس مرة أخرى لعوامل من داخلنا، أو لطوارئ ودواع من خارجنا. إذن: ما العمل؟ وأين الطريق؟ لابد لكل منا من نقطة تحول، يحول فيها مساره إلى طريق الله، ويهجر طريق الشيطان، ويحذر قطاع الطرق. وللوصول آلي الله عز وجل ينصح بالسير في خطوات متدرجة، وهذه الخطوات مستقاة من تجارب العلماء في بدء تعاملهم وإنابتهم إلى رب العزة سبحانه وتعالى. والطريق ليس سهلا. فما نسعى إليه قد حف بالمكاره والعقبات والأشواك، ولكننا عندما نصل ويفتح لنا مولانا الباب سننسى كل ألم، وسنودع كل تعب، وسنحس بلذة لا تضارعها لذة دنيوية. * الحجر الصحي! * أول ما يجب أن نقوم به هو عزل انفسنا عن مواطن المعصية ورفقائها؛ حتى لا نجد فرصة للمعاصي، فتنقطع تماما الاسم عن المعصية ثم نلزم الإلحاح علي معاتبة انفسنا وتذكيرها ربها، ونردد على اسماعنا دائما أننا لا بد ان نموت إن عاجلا أو آجلا، وسنلقى الله عز وجل فيحاسبنا * اصمت تسلم * درب نفسك على أن تصمت أكثر مما تتكلم؛ فإن النفس إذا صمتت سكتت، فإذا طال سكوتها تبين لها الكثير مما كانت تخوض فيه من الباطل، وعندها تنكسر؛ إذ تعلم أنها متعرضة لسخط مولاها ثم عاود العتاب مرة أخرى، وذكرها بذنوبها ومعاصيها ذنبا ذنبا، وعرفها عقوبة كل ذنب من تلك الذنوب؛ حتى تعترف وتقر. * انس طاعاتك * إذا اعترفت نفسك بالتقصير والذنوب؛ فأدم تذكيرها بعظيم جرائمها وذنوبها، وأوهمها أنها لم تعمل في حياتها إلا المعصية، وأنسها في هذه المرحلة حسناتها وطاعاتها؛ حتى توقن بالهلاك إن لم تتب، ويستيقظ ضميرها، وتسيل دمعتها. فإذا ما استيقظ ضمير نفسك، وسالت دمعتها، وأيقنت بالهلاك فأخبرها بضرورة الإقلاع عن المعاصي والاستدراك، وأن هذا لا يتأتى إلا بهجران كل أسباب المعصية؛ من أصحاب وأهل وقرابة وأدوات، وأخبرها أنها لا تصح توبتها إلا بترك ذلك كله. * أذلها بالجوع * إذا نفرت نفسك من ذلك وأبت؛ فاكسرها بكثرة الصيام، وأذلها بالجوع؛ فإن النفس إذا آلمها الجوع تخشع وتستمع وتستسلم للمعاتبة فتقبل، فإذا لم تقبل فذكرها بعذاب الله وسوء المصير؛ حتى تلين لك، ستجدها تعطيك وعندها وعدا بترك المعاصي بعد قليل ، وتسوف لك متعللة بقضاء بعض حوائجها. * قاوم التسويف * إذا وجدتها تسوف لك وتعد لأمد طويل أو قصير، فاحمل عليها حملة شديدة بالزجر والتذكير بعدم ضمان الأجل، وأنه لربما تستوفي أجلها قبل أن يحين الموعد، وأعد عليها ذكر العقوبات والنقم. * تحلية بعد * تخلية فإذا أذعنت لك وطاوعتك في قطع أسباب المعصية، فاعمل على إكسابها أضداد ما قطعته وفارقته؛ فابحث لها عن صاحب مرشد بدلا من الصاحب المغوي، وعلمها الذكر بدلا من السهو والغفلة، وألزمها التثبت والتفكر بدلا من الطيش والعجلة، وأذقها مناجاة الرب سبحانه تعالى وحلاوة تلاوة كتابه. ومطالعة العلم، والتعرف على سير الصالحين وأخلاقهم، بدلا من الخوض في الباطل ومجالسة الفاسدين المفسدين، وعندها تجتمع أنوار هذه البدائل في قلبك، ويستنير عقلك بموروثات الطاعة، ويؤيدك الله بمعونته، وتقهر أنوار الطاعة أهواء نفسك؛ فتتحول الطاعة إلى طبع وعادة. مثلما كانت المعصية لها طبع وعادة. * إياك والعجب * إذا وصلت نفسك لهذه المرحلة من الاستقامة على طاعة ربها؛ فربما نما فيها العجب بطاعتها وتركها للمعصية، فازجرها عن ذلك، وذكرها بنظر الله عز وجل إلى ضميرها، وخوفها بحبوط هذا العمل، وشككها في قبوله . * تذكر ماضيك * وإذا نجت النفس من العجب بأعمالها فربما وقعت في الكبر والاستطالة على الناس لما ترى من معاصيهم واستقامتها، فتزدري العاصين وتترفع عليهم، عندها ذكرها بماضيها وما كانت عليه، وأقرع سمعها بقوله عز وجل * * ((كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم)) وقول القائل: * رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا * وخوفها من خاتمة السوء، حتى تعرف قدرها وتنفي الكبر عن ضميرها. ولكن لا تعتقد أن هذه هي النهاية؛ فكما يقولون: "إن الوصول إلى القمة سهل ، ولكن الحفاظ عليها هو الصعب "، فيجب أن تكون على حذر دائما، وأن ترعى نفسك وتهذبها دوما مما يعكر عليها صفو الطاعة؛ حتى تظل على هذه الحالة من الاستسلام والانقياد لله عز وجل، والنفور من معصيته وأخيرا عليك الدوام علي الدعاء بالثبات، واحذر الانتكاسة، واعلم أن الهداية من الله عز وجل اللهم انى أعوذ * من زوال نعمتك بك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك * - الكاتب: ابن الإسلام.